ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة أن أعمالاً صالحة تكفر الذنوب وتمحوها ومنها ما يلي:
أولاً : الوضوء وقد جاء فيه أحاديث كثيرة منها : عن حمران أنه قال
فلما توضأ عثمان قال و
الله لأحدثنكم حديثا و
الله لولا آية في كتاب
الله ما حدثتكموه إني سمعت رسول
الله صلى
الله عليه وسلم يقول : لا يتوضأ رجل فيحسن وضوءه ثم يصلي الصلاة إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة التي تليها . قال عروة الآية: ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى إلى قوله اللاعنون ) رواه مسلم .
وعن عثمان أنه دعا بطهور ثم قال : سمعت رسول
الله صلى
الله عليه وسلم يقول : ( ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة وذلك الدهر كله) رواه مسلم .
وعن أبي هريرة أنه سمع رسول
الله صلى
الله عليه وسلم يقول
أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمسا ما تقول؟ {هل} ذلك يبقي من درنه ـ وسخه ـ ؟ قالوا: لا يبقي من درنه شيئا قال فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو
الله بها الخطايا ) رواه البخاري .
ثانياً : الصلوات الخمس : عن أبي هريرة أن رسول
الله صلى
الله عليه وسلم قال
الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر ) رواه مسلم .
وعن أبي هريرة عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال
الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن ) رواه مسلم .
ثالثاً : موافقة تأمين المأموم لتأمين الملائكة : عن أبي هريرة أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال
إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه وقال بن شهاب وكان رسول
الله صلى
الله عليه وسلم يقول آمين ) رواه البخاري ومسلم .
وعن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلى
الله عليه وسلم
إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه ) رواه مسلم .
رابعاً : المشي إلى المساجد : وعن علي بن أبي طالب رضي
الله عنه أن رسول
الله صلى
الله عليه وسلم قال
إسباغ الوضوء في المكاره وإعمال الأقدام إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة يغسل الخطايا غسلاً ) رواه أبو يعلى والبزار بإسناد صحيح والحاكم وقال : صحيح على شرط مسلم وقال الألباني : صحيح .
و عن أبي هريرة أن رسول
الله صلى
الله عليه وسلم قال: ( ألا أدلكم على ما يمحو
الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟) قالوا بلى يا رسول
الله، قال : ( إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط)، رواه مسلم.
خامساً : المحافظة على صلاة الجمعة : عن أبي هريرة أن رسول
الله صلى
الله عليه وسلم كان يقول
الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر ) باب الذكر المستحب عقب الوضوء ، رواه مسلم .
سادساً : صيام نهار رمضان وقيام ليله : عن أبي هريرة أن رسول
الله صلى
الله عليه وسلم قال
من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) رواه البخاري ومسلم .
وعن أبي هريرة رضي
الله عنه عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال
من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) رواه البخاري ومسلم .
سابعاً: صيام عاشوراء، وصيام يوم عرفة : عن أبي قتادة أتى رجل النبي صلى
الله عليه وسلم فقال كيف تصوم؟ فغضب رسول
الله صلى
الله عليه وسلم ـ قال العلماء : سبب غضبه صلى
الله عليه وسلم أنه كره مسألته ; لأنه يحتاج إلى أن يجيبه ويخشى من جوابه مفسدة , وهي أنه ربما اعتقد السائل وجوبه، أو استقله، أو اقتصر عليه وكان يقتضي حاله أكثر منه.أ.هـ، وربما غضب لسؤاله عن صوم الوصال المنهي عنه .ـ فلما رأى عمر رضي
الله عنه غضبه قال رضينا ب
الله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا، نعوذ ب
الله من غضب
الله وغضب رسوله، فجعل عمر رضي
الله عنه يردد هذا الكلام حتى سكن غضبه، فقال عمر: يا رسول
الله كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال : لا صام ولا أفطر، أو قال: لم يصم ولم يفطر، قال: كيف بمن يصوم يومين ويفطر يوما؟ قال: ويطيق ذلك أحد؟ قال: كيف من يصوم يوما ويفطر يوما؟ قال: ذاك صوم داود عليه السلام؟ قال: كيف بمن يصوم يوما ويفطر يومين؟ قال وددت أني طُقت ذلك. ثم قال رسول
الله صلى
الله عليه وسلم: ثلاث من كل شهر ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله؟ وسأله عن صيام يوم عرفة، ويوم عاشوراء، فقال صلى
الله عليه وسلم : صيام يوم عرفة أحتسب على
الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على
الله أن يكفر السنة التي قبله) رواه مسلم .
ثامناً : الحج والعمرة : عن أبي هريرة رضي
الله عنه قال سمعت النبي صلى
الله عليه وسلم يقول
من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) رواه البخاري .
وعن أبي هريرة رضي
الله عنه أن رسول
الله صلى
الله عليه وسلم قال
العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) رواه البخاري ومسلم .
تاسعاً : الصدقة : عن أبي وائل عن حذيفة قال : قال عمر رضي
الله عنه : من يحفظ حديثا عن النبي صلى
الله عليه وسلم في الفتنة . قال حذيفة : أنا سمعته يقول: ( فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة) . قال : ليس عن هذه أسأل، إنما أسأل عن التي تموج كما يموج البحر، قال: (وإن دون ذلك بابا مغلقا ، قال : فيفتح أو يكسر؟ قال : يكسر، قال: ذاك أجدر أن لا يغلق إلى يوم القيامة، فقلنا لمسروق: سله أكان عمر يعلم مَن الباب؟ ـ أي المقصود به ـ فسأله فقال : نعم . كما يعلم أن دون غد الليلة ) رواه البخاري ومسلم .
عاشراً : الحمد بعد الطعام : عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه أن رسول
الله صلى
الله عليه وسلم قال
من أكل طعاما ثم قال الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومن لبس ثوبا فقال الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ) رواه أبو داود والترمذي وقال هذا حديث حسن غريب .
حادي عشر : المرض والتعب والهم والغم : عن عائشة رضي
الله عنها زوج النبي صلى
الله عليه وسلم قالت: قال صلى
الله عليه وسلم: ( ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر
الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها ) رواه البخاري .
وعن أبي سعيد الخدري وعن أبي هريرة عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال
ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر
الله بها من خطاياه ) رواه البخاري .
هذا وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الأعمال الصالحة تكفر صغائر الذنوب، وأما الكبائر فلا تُكَفَر بمجرد فعل الأعمال الصالحة بل لا بد من التوبة بشروطها حتى تُكَفَر .
قال القاضي عياض :[ هذا المذكور في الحديث من غفران الذنوب ما لم تؤت كبيرة هو مذهب أهل السنة وأن الكبائر إنما تكفرها التوبة أو رحمة
الله تعالى وفضله ] شرح النووي على صحيح مسلم 1/446 .
وقال الإمام ابن العربي المالكي :[ الخطايا المحكوم بمغفرتها هي الصغائر دون الكبائر لقول النبي صلى
الله عليه وسلم
الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر ) فإذا كانت الصلاة مقرونة بالوضوء لا تكفر الكبائر فانفراد الوضوء بالتقصير عن ذلك أحرى ).
والله أعلم