قصه مع فتاة بالمستشفى
قصه مع فتاة بالمستشفى
" في إحدى مستشفيات الرياض الخاصة وفي مختبر التحاليل والدم
كان موعدي لعمل بعض التحاليل... جاءت الممرضة وبدأت في تعبئة
البيانات اللازمة ثم اتبعتها المفاجأة....
إنها... فتون... مسؤولة أو موظفة في بنك الدم... لم تكن غريبة على
أحد فكل مرتادي المستشفى يعرفونها... فهي أشهر من علم كيف لا
فهي تلك الفتاة التي لم تراعي دين ولا ذمة ولا حياء في هيئة أو لباس
أو رائحة.. كانت لا يهدأ لها بالا إذا مكثت في كرسيها أو مكتبها لأكثر
من ربع ساعة ولذلك فقد كانت تقوم بطلعات جوية أرضية بشكل دوري
تجوب فيها جنبات المستشفى ويستشرفها الشيطان ويستخدمها كسلاح
فتاك ومصيدة تقضي بها على أصحاب القلوب الضعيفة من الرجال فتعود
وقد أحدثت فيهم من الخسائر ما الله به عليم إلا من كان منهم بقلب سليم...
وغض البصر وحفظ الدين... واتقى الله رب العالمين...
يقول الراوي... " اقتربت فتون مني... ومدت إحدى يديها والتي كانت قد
شمرتهما إلى منتصف الساعد في حركة إغرائية ماجنة... تناولت ملفي...
نظرت إلي وتبسمت في وجهي... يا إلهي ماذا تريد مني وأنا بلحيتي
وسواكي... حاولت غض بصري... ولكن كانت قريبة مني... وأقرب من
أن يتلافاها بصري.... تكلمت وقالت... "أهلين أخ فلان وألف سلامة عليك"
... يا إلهي... تابعت " أخ فلان حبيت أخبرك أن إحنا محتاجين دم لبنك الدم
والمتبرعين عنا قليل فإذا كنت بتحب إنك تساهم معنا ونسجل إسمك هون
وبعد هيك لو إحتجنا إلك بنتصل عليك "
انتهى الحوار واخذوا الدم للتحليل وخرجت من المستشفى وأنا ألوم نفسي
لوما شديدا... لماذا نظرت إليها.. لماذا تابعت حركتها... لماذا أعطيتها مجالا
للحديث... لماذا ولماذا...أدركت أنها الفتنة وخطوة من خطوات الشيطان قد
أفلح عليه لعنة الله في أن يستزلني إليها ولكن ما العمل وماذا سأفعل
مستقبلا؟ لدي ثلاث زيارات متتالية لبنك الدم والتحاليل فهل يعني ذلك
التمادي في الفتنة وخطوات الشيطان... هل يعني ذلك بأنني على
مشارف الهاوية... تذكرت قوله - تعالى -
" إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ "
الأعراف آية 7
إذا الحمد لله... اللهم ألهمني العمل بالصواب وارزقني نور البصيرة يا رب
وجدتها.. الترقيم... الترقيم... لمة إبليس إبليس حتى آخر اللحظات وهو
يحاول فعل شيء... نعم هذه الفكرة مؤكد أنها من إبليس اللعين وهي...
أن أعطيها رقمي في ورقة فإذا كلمتني نصحتها ووضحت لها خطأها...
إبليس ما أروع أفكارك عليك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.. يريدني
أن انصحها لمدة خمس دقائق ثم أذهب أنا وهي إلى الهاوية والجحيم
بقية العمر
ولكن سرعان ما أعقبها نفحة من الرحمن أعادت إلي رشدي وألهمتني
صوابي.. فهناك ما هو أفضل.. الكتابة.. سأكتب لها كل ما في وسعي...
ولدي متسع من الوقت فإذا كانت الزيارة القادمة أو الأخيرة ألقيت إليها
الورقة وفررت متعجلا.. ثم يعود إبليس مثبطا.. ولكن ربما تكلمت عليك أو
اتهمتك أو ادعت عليك بالباطل... أنج بنفسك ودعها وشأنها فالدعاة
والمصلحون غيرك كثير... اتركها أو بلغ عنها أو اشتكي للعلماء والمشائخ..
المهم أنت لا فالعواقب لا يعلم بها إلا الله
تذكرت قوله - تعالى - أيضا
" وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ
ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين " هود
نعم لقد سمحت لنفسي بمتعة النظر إلى هذه الفتنة وعلي وحدي أن
أكفر عنها وأن أزيل هذه المعصية من نفس جنس العمل... إذا أنا فقط
من يجب عليه نصح فتون ولا أحد غيري وسأبدأ في تجهيز ورقتي
بمجرد الوصول إلى البيت
وتذكرت موقف فتون ذلك اليوم عندما كانت تتأفف متضجرة من موقف
ما مع أحد المرضى الذي ربما بهر هو الآخر بها فلم يعد يعمل لديه نظام
الدفع العقلي او الحسي وتبلد أمامها فصاحت متضجرة أو شيء من
هذا القبيل
تذكرت ذلك الموقف عندما أمسكت القلم فكان خير مدخل للكلام معها
بعد أن كنت في غاية الحيرة من المدخل والبداية حيث من المؤكد أن
فتاة في قمة غفلتها لو افتتحت رسالتي بان اتقي الله يا امة الله لما
أكملت حرفا واحدا فكانت هذه البداية
وإلى حضراتكم بعض المقتطفات مما جاء في تلك الورقة على لسان الراوي
" أختي الفاضلة.... شاهدت موقفك مع ذلك المريض والذي كان بحق موقفا
يثير الأعصاب ولا شك يا أختي من أن الحياة مليئة بالكدر والعناء والهموم
وصدقيني أن لا أحد مرتاح فيها فيوم عناء مع العملاء والمراجعين وآخر
عناء مع الرؤساء والمرؤوسين وآخر مشكلات خاصة وعائلية وكل يوم
جديد بهمومه وغمومه ومشاكله ومصاعبه
ولكن الحمد لله يا أختي أن جعلنا من المسلمين لأننا بهذا الدين العظيم
نحتسب دائما بأننا على أجر وخير كثير وبتحملنا وصبرنا على هموم
الحياة فان لنا من الأجر ورفع الدرجات وتكفير الذنوب ما لا يخطر على
بال ثم إذا ما متنا ولاقينا الله كانت كل تلك الهموم سبب في تكفير الذنوب
ثم الدخول إلى الجنة برحمة رب العالمين
ولكن... كيف بالله عليك يا أختي لو أن الإنسان بعد كل هذه الهموم وهذا
العناء والابتلاء في الدنيا يخرج وليس له حظ في الآخرة أيضا ويكون
جزاؤه النار فلا هو أدرك دنيا بتمام متعتها ولا هو فاز بجنة فيها ما لا
عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
هل تعلمين أختي الكريمة أن رسولنا الكريم - عليه أفضل الصلاة
وأزكى التسليم - حذر نساء المسلمين من أمر خطير جدا لو فعلوه لكان
سببا في حرمانهن من الجنة بل وحتى من ريحها
وذكر لها قول الرسول الكريم - صلى الله عليه و سلم -
" صنفان من أهل النار لم أرهما....... ونساء كاسيات عاريات مميلات
مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها
وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذ... "
نعم هل تصدقي يا أختي عظم هذا الحديث وخطورة ما فيه..
هن ليسوا نساء عاريات بل هن يلبسن اللباس ولكنه لباس زينة وإغراء
يفتن به الرجال ويضعن الغطاء بنفس الصورة التي تضعينه بها
وهل تعلمين أختي أن هناك حديث آخر عن المرأة التي تخرج متعطرة
فإذا وجد القوم ريحها فإنها تكون في حكم الزانية حيث يقول
- صلى الله عليه و سلم - " إذا استعطرت المرأة فمرت على القوم ليجدوا
ريحها فهي كذا وكذا قال قولا شديدا " كناية عن كونها زانية
هل رأيت على أي أمر خطير فعلك أختي الكريمة؟؟؟
أبعد كل هذا العناء والجهد والتعب والصلاة والصيام والتعبد لله بحكم
أننا مسلمون نفقد الجنة ونخسرها بسبب أعمال يستمتع بها الرجال وأنت
آخر المستفيدات منها... انتبهي أختي فالأمر أذكى وأعمق وأخطر من أن
يمر بهذه السهولة...... الخ" وفي نهايتها طلبت منها أن تبلغ ما في
الرسالة لكل فتاة من زميلاتها في المستشفى تقوم بنفس فعلها وتلبس
وتسفر عن حجابها بطريقتها"
انتهت الرسالة وجهزت الورقة... وجاء اليوم الموعود... آخر أيام التحاليل...
وحانت ساعة الصفر... موقفي صعب... ماذا لو رأني الناس أعطي فتون
ورقة.. ماذا سيكون ظنهم بي... وكيف لي مثلا أن أطلب الانفراد والبعد
عن الناس فماذا عساها ستظن أو تفعل... الهي... اللحظات الحاسمة والقاتلة...
دخلت المختبر انتظرتها تأتي في الداخل فتكون أفضل فرصة ولكن أيضا لو
اتهمتني أو ادعت على بشيء لصدقها الجميع بحكم الخلوة والعزلة...
لم تأتي للمختبر لانشغالها.. خرجت في الخارج عند الاستقبال وأنهيت
أوراقي وأخذت اتلكأ وقلبي يكاد يسقط من هذه اللحظات المتذبذة في
كل شيء... قوة عنيفة تدفعني للخروج وانهاء الحرج ونسيان كل شيء
.. ولكن إرادة ما كانت تريد شيئا ما لفتون
.. انتظرت قليلا.. فإذا بفتون مقبلة... "أهلين أخ فلان... كيف حالك"
... الحمد لله... بداية قوية ومشجعة.. "أنا انتهيت يا أختي وماشي الآن
ومددت يدي إلى جيبي وأخرجت الورقة وعيناها تراقب ولم تتوقع ما
سيحدث.. مددت يدي إليها بالورقة ولم انتبه أن المكان كان مزدحم للغاية
والكل يتابع فصول المسرحية الجريئة... ولا أدري لماذا كانت ورقة صفراء
لافتة للنظر؟؟ ربما لأنها هي ما أملكه يومها في البيت... خفت أن لا تمد
يداها وأكون قد وضعت نفسي في مأزق وموقف لا أحسد عليه خصوصا
وأنني قد غامرت بسمعتي وسمعة أهل اللحى والالتزام في منح هذه
الفرصة والكلام وإعطاء الورقة
ولكن... مدت فتون يدها أخذت الورقة بلهفة وابتسامة عريضة وكأنها
عقد نكاحها أو شيكا نقديا لها.. كانت مفاجأة لها ولكن مؤكد أنها لم
تكن تتوقع ما بداخلها.. فرحت كثيرا وسلمت واستئذنت سريعا واستدرت
وأطلقت قدماي للريح
نظرت خلسة إلى الناس المراقبين.. فالحمد لله وجدت علامات الرضى والسعادة
على محياهم.. نعم إنها بلاد الثقة والأمان والاطمئنان بأهل اللحى... الكل توقع
بل وتأكد من أنها ورقة نصيحة لفتون بل سمعت بعضهم وهو يدعو قائلا
جزاك الله خيرا.. إذا هي نعمة المولى بتسهيل المهمة وإقناع البشر وإزالة
سوء الظن عنهم فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
... لم تمر أيام أو أسابيع إلا ومسرح الأحداث يشهد عودتي لنفس المختبر
وأيضا لإجراء تحاليل... لم أرى ولم أكن أتمنى أن أرى فتون.. استلقيت
على سرير المختبر.. والحمد لله جاءني هذه المرة ممرض رجل رفع عن
ساعدي وبدأ يسجل معلوماتي وسألني عن اسمي فذكرت له وكان بيننا
وبين سرير آخر ستار خفيف يسمع منه كل شيء... استمعت فتون لاسمي
المميز أرادت على الفور أن تريني الثمرة قشعت الستار وسبحان مصرف
القلوب والأبصار
نور لم أعهده عليها وحجاب شبه كامل - على مذهبها - ولباس ساتر محتشم
بعد أن كان فاضحا عاريا... وغطاء رأس أسدل حتى الحاجبين بعد أن
كان بالكاد يصل إلى منتصف الرأس في أحسن الظروف... وقرار وتعفف
في مكتبها... توقفت كل عملياتها العسكرية وغاراتها الجوية..
لا عطور ولا روائح ولا مكياج..هدوء وقناعة ورضى بعد القلق والانطلاق
والحركة في كل اتجاه..أدب وحياء بعد الجرأة والتعدي
قالت "أخ فلان السلام عليكم.. حبيت أقول لك جزاك الله كل خير"
كانت تريد أن تقول المزيد ولكن عادت إلى ستارها وعملها الذي باتت
تنتقي فيه التعامل مع النساء فقط وتبتعد عن التعرض للرجال أو الحديث
معهم
تغيرت هيئة فتون خلال أسبوع أو اثنين بدرجة كبيرة وينتظر منها المزيد
فحياة صديقي انتهت في تلك البلدة بعد اشهر يقول بعدها أنه لم يعد
يراها أبدا فربما غادرت أو تركت أو تحجبت حجابا كاملا العلم عند الله
ولكن كلمات بسيطة وورقة صفراء ينقذ بها الله - تعالى - نفسا من
الموت على الضلال والنار
كم مثل فتون يمر علينا في المستشفيات والأسواق والأماكن العامة..
كم منهن أردنا لهن الخير وبصدق وفكرنا في كيفية إيصاله إليهن
كم يحتاج المجتمع إلينا ونحن لا نملك إلا النقد والانتقاص والاستخفاف
واستبعاد رحمة الله عن الغافلين والهجوم والتعدي على ذوي الأخطاء
والعصيان وهل منا من ليس ذوو خطأ؟؟؟؟؟؟؟
ولكن كيف لو كل منا هدى به الله مثل فتون
بقي أن تعرفوا أيها الأحبة أن بطلة قصتي ليست فتون وجنسيتها
ليست سعودية
ولكن أردت أن أوصل لكم أن فتون صفة ليس لها جنسية أو أرض أوطن
أو عنوان... وإنما فتون فتنة من عمل الشيطان... هي في كل مكان...
وزمان...
ولكن تبقى عظمة هذا الدين القادر على التخاطب مع كل لغة وإنسان
مهما كان... ومهما اختلفت البئيات والعادات والتقاليد والمجمتعات والأوطان
لا تبخلوا على أنفسكم أيها الدعاة وأيتها الداعيات بالأجر والخير العظيم...
كم من فتون تحتاج إليكم واليكن.. الم يأن للدعاة أن ينفضوا غبار الكسل
والكلام... من على المنابر والخروج إلى الزحام.. حيث الركام... والرّان...
والغفلة والنسيان... والنفس الأمارة والشيطان..الم يأن الأوان
الله وحده - سبحانه - الهادي إلى سواء السبيل
قصه مع فتاة بالمستشفى
" في إحدى مستشفيات الرياض الخاصة وفي مختبر التحاليل والدم
كان موعدي لعمل بعض التحاليل... جاءت الممرضة وبدأت في تعبئة
البيانات اللازمة ثم اتبعتها المفاجأة....
إنها... فتون... مسؤولة أو موظفة في بنك الدم... لم تكن غريبة على
أحد فكل مرتادي المستشفى يعرفونها... فهي أشهر من علم كيف لا
فهي تلك الفتاة التي لم تراعي دين ولا ذمة ولا حياء في هيئة أو لباس
أو رائحة.. كانت لا يهدأ لها بالا إذا مكثت في كرسيها أو مكتبها لأكثر
من ربع ساعة ولذلك فقد كانت تقوم بطلعات جوية أرضية بشكل دوري
تجوب فيها جنبات المستشفى ويستشرفها الشيطان ويستخدمها كسلاح
فتاك ومصيدة تقضي بها على أصحاب القلوب الضعيفة من الرجال فتعود
وقد أحدثت فيهم من الخسائر ما الله به عليم إلا من كان منهم بقلب سليم...
وغض البصر وحفظ الدين... واتقى الله رب العالمين...
يقول الراوي... " اقتربت فتون مني... ومدت إحدى يديها والتي كانت قد
شمرتهما إلى منتصف الساعد في حركة إغرائية ماجنة... تناولت ملفي...
نظرت إلي وتبسمت في وجهي... يا إلهي ماذا تريد مني وأنا بلحيتي
وسواكي... حاولت غض بصري... ولكن كانت قريبة مني... وأقرب من
أن يتلافاها بصري.... تكلمت وقالت... "أهلين أخ فلان وألف سلامة عليك"
... يا إلهي... تابعت " أخ فلان حبيت أخبرك أن إحنا محتاجين دم لبنك الدم
والمتبرعين عنا قليل فإذا كنت بتحب إنك تساهم معنا ونسجل إسمك هون
وبعد هيك لو إحتجنا إلك بنتصل عليك "
انتهى الحوار واخذوا الدم للتحليل وخرجت من المستشفى وأنا ألوم نفسي
لوما شديدا... لماذا نظرت إليها.. لماذا تابعت حركتها... لماذا أعطيتها مجالا
للحديث... لماذا ولماذا...أدركت أنها الفتنة وخطوة من خطوات الشيطان قد
أفلح عليه لعنة الله في أن يستزلني إليها ولكن ما العمل وماذا سأفعل
مستقبلا؟ لدي ثلاث زيارات متتالية لبنك الدم والتحاليل فهل يعني ذلك
التمادي في الفتنة وخطوات الشيطان... هل يعني ذلك بأنني على
مشارف الهاوية... تذكرت قوله - تعالى -
" إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ "
الأعراف آية 7
إذا الحمد لله... اللهم ألهمني العمل بالصواب وارزقني نور البصيرة يا رب
وجدتها.. الترقيم... الترقيم... لمة إبليس إبليس حتى آخر اللحظات وهو
يحاول فعل شيء... نعم هذه الفكرة مؤكد أنها من إبليس اللعين وهي...
أن أعطيها رقمي في ورقة فإذا كلمتني نصحتها ووضحت لها خطأها...
إبليس ما أروع أفكارك عليك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.. يريدني
أن انصحها لمدة خمس دقائق ثم أذهب أنا وهي إلى الهاوية والجحيم
بقية العمر
ولكن سرعان ما أعقبها نفحة من الرحمن أعادت إلي رشدي وألهمتني
صوابي.. فهناك ما هو أفضل.. الكتابة.. سأكتب لها كل ما في وسعي...
ولدي متسع من الوقت فإذا كانت الزيارة القادمة أو الأخيرة ألقيت إليها
الورقة وفررت متعجلا.. ثم يعود إبليس مثبطا.. ولكن ربما تكلمت عليك أو
اتهمتك أو ادعت عليك بالباطل... أنج بنفسك ودعها وشأنها فالدعاة
والمصلحون غيرك كثير... اتركها أو بلغ عنها أو اشتكي للعلماء والمشائخ..
المهم أنت لا فالعواقب لا يعلم بها إلا الله
تذكرت قوله - تعالى - أيضا
" وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ
ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين " هود
نعم لقد سمحت لنفسي بمتعة النظر إلى هذه الفتنة وعلي وحدي أن
أكفر عنها وأن أزيل هذه المعصية من نفس جنس العمل... إذا أنا فقط
من يجب عليه نصح فتون ولا أحد غيري وسأبدأ في تجهيز ورقتي
بمجرد الوصول إلى البيت
وتذكرت موقف فتون ذلك اليوم عندما كانت تتأفف متضجرة من موقف
ما مع أحد المرضى الذي ربما بهر هو الآخر بها فلم يعد يعمل لديه نظام
الدفع العقلي او الحسي وتبلد أمامها فصاحت متضجرة أو شيء من
هذا القبيل
تذكرت ذلك الموقف عندما أمسكت القلم فكان خير مدخل للكلام معها
بعد أن كنت في غاية الحيرة من المدخل والبداية حيث من المؤكد أن
فتاة في قمة غفلتها لو افتتحت رسالتي بان اتقي الله يا امة الله لما
أكملت حرفا واحدا فكانت هذه البداية
وإلى حضراتكم بعض المقتطفات مما جاء في تلك الورقة على لسان الراوي
" أختي الفاضلة.... شاهدت موقفك مع ذلك المريض والذي كان بحق موقفا
يثير الأعصاب ولا شك يا أختي من أن الحياة مليئة بالكدر والعناء والهموم
وصدقيني أن لا أحد مرتاح فيها فيوم عناء مع العملاء والمراجعين وآخر
عناء مع الرؤساء والمرؤوسين وآخر مشكلات خاصة وعائلية وكل يوم
جديد بهمومه وغمومه ومشاكله ومصاعبه
ولكن الحمد لله يا أختي أن جعلنا من المسلمين لأننا بهذا الدين العظيم
نحتسب دائما بأننا على أجر وخير كثير وبتحملنا وصبرنا على هموم
الحياة فان لنا من الأجر ورفع الدرجات وتكفير الذنوب ما لا يخطر على
بال ثم إذا ما متنا ولاقينا الله كانت كل تلك الهموم سبب في تكفير الذنوب
ثم الدخول إلى الجنة برحمة رب العالمين
ولكن... كيف بالله عليك يا أختي لو أن الإنسان بعد كل هذه الهموم وهذا
العناء والابتلاء في الدنيا يخرج وليس له حظ في الآخرة أيضا ويكون
جزاؤه النار فلا هو أدرك دنيا بتمام متعتها ولا هو فاز بجنة فيها ما لا
عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
هل تعلمين أختي الكريمة أن رسولنا الكريم - عليه أفضل الصلاة
وأزكى التسليم - حذر نساء المسلمين من أمر خطير جدا لو فعلوه لكان
سببا في حرمانهن من الجنة بل وحتى من ريحها
وذكر لها قول الرسول الكريم - صلى الله عليه و سلم -
" صنفان من أهل النار لم أرهما....... ونساء كاسيات عاريات مميلات
مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها
وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذ... "
نعم هل تصدقي يا أختي عظم هذا الحديث وخطورة ما فيه..
هن ليسوا نساء عاريات بل هن يلبسن اللباس ولكنه لباس زينة وإغراء
يفتن به الرجال ويضعن الغطاء بنفس الصورة التي تضعينه بها
وهل تعلمين أختي أن هناك حديث آخر عن المرأة التي تخرج متعطرة
فإذا وجد القوم ريحها فإنها تكون في حكم الزانية حيث يقول
- صلى الله عليه و سلم - " إذا استعطرت المرأة فمرت على القوم ليجدوا
ريحها فهي كذا وكذا قال قولا شديدا " كناية عن كونها زانية
هل رأيت على أي أمر خطير فعلك أختي الكريمة؟؟؟
أبعد كل هذا العناء والجهد والتعب والصلاة والصيام والتعبد لله بحكم
أننا مسلمون نفقد الجنة ونخسرها بسبب أعمال يستمتع بها الرجال وأنت
آخر المستفيدات منها... انتبهي أختي فالأمر أذكى وأعمق وأخطر من أن
يمر بهذه السهولة...... الخ" وفي نهايتها طلبت منها أن تبلغ ما في
الرسالة لكل فتاة من زميلاتها في المستشفى تقوم بنفس فعلها وتلبس
وتسفر عن حجابها بطريقتها"
انتهت الرسالة وجهزت الورقة... وجاء اليوم الموعود... آخر أيام التحاليل...
وحانت ساعة الصفر... موقفي صعب... ماذا لو رأني الناس أعطي فتون
ورقة.. ماذا سيكون ظنهم بي... وكيف لي مثلا أن أطلب الانفراد والبعد
عن الناس فماذا عساها ستظن أو تفعل... الهي... اللحظات الحاسمة والقاتلة...
دخلت المختبر انتظرتها تأتي في الداخل فتكون أفضل فرصة ولكن أيضا لو
اتهمتني أو ادعت على بشيء لصدقها الجميع بحكم الخلوة والعزلة...
لم تأتي للمختبر لانشغالها.. خرجت في الخارج عند الاستقبال وأنهيت
أوراقي وأخذت اتلكأ وقلبي يكاد يسقط من هذه اللحظات المتذبذة في
كل شيء... قوة عنيفة تدفعني للخروج وانهاء الحرج ونسيان كل شيء
.. ولكن إرادة ما كانت تريد شيئا ما لفتون
.. انتظرت قليلا.. فإذا بفتون مقبلة... "أهلين أخ فلان... كيف حالك"
... الحمد لله... بداية قوية ومشجعة.. "أنا انتهيت يا أختي وماشي الآن
ومددت يدي إلى جيبي وأخرجت الورقة وعيناها تراقب ولم تتوقع ما
سيحدث.. مددت يدي إليها بالورقة ولم انتبه أن المكان كان مزدحم للغاية
والكل يتابع فصول المسرحية الجريئة... ولا أدري لماذا كانت ورقة صفراء
لافتة للنظر؟؟ ربما لأنها هي ما أملكه يومها في البيت... خفت أن لا تمد
يداها وأكون قد وضعت نفسي في مأزق وموقف لا أحسد عليه خصوصا
وأنني قد غامرت بسمعتي وسمعة أهل اللحى والالتزام في منح هذه
الفرصة والكلام وإعطاء الورقة
ولكن... مدت فتون يدها أخذت الورقة بلهفة وابتسامة عريضة وكأنها
عقد نكاحها أو شيكا نقديا لها.. كانت مفاجأة لها ولكن مؤكد أنها لم
تكن تتوقع ما بداخلها.. فرحت كثيرا وسلمت واستئذنت سريعا واستدرت
وأطلقت قدماي للريح
نظرت خلسة إلى الناس المراقبين.. فالحمد لله وجدت علامات الرضى والسعادة
على محياهم.. نعم إنها بلاد الثقة والأمان والاطمئنان بأهل اللحى... الكل توقع
بل وتأكد من أنها ورقة نصيحة لفتون بل سمعت بعضهم وهو يدعو قائلا
جزاك الله خيرا.. إذا هي نعمة المولى بتسهيل المهمة وإقناع البشر وإزالة
سوء الظن عنهم فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
... لم تمر أيام أو أسابيع إلا ومسرح الأحداث يشهد عودتي لنفس المختبر
وأيضا لإجراء تحاليل... لم أرى ولم أكن أتمنى أن أرى فتون.. استلقيت
على سرير المختبر.. والحمد لله جاءني هذه المرة ممرض رجل رفع عن
ساعدي وبدأ يسجل معلوماتي وسألني عن اسمي فذكرت له وكان بيننا
وبين سرير آخر ستار خفيف يسمع منه كل شيء... استمعت فتون لاسمي
المميز أرادت على الفور أن تريني الثمرة قشعت الستار وسبحان مصرف
القلوب والأبصار
نور لم أعهده عليها وحجاب شبه كامل - على مذهبها - ولباس ساتر محتشم
بعد أن كان فاضحا عاريا... وغطاء رأس أسدل حتى الحاجبين بعد أن
كان بالكاد يصل إلى منتصف الرأس في أحسن الظروف... وقرار وتعفف
في مكتبها... توقفت كل عملياتها العسكرية وغاراتها الجوية..
لا عطور ولا روائح ولا مكياج..هدوء وقناعة ورضى بعد القلق والانطلاق
والحركة في كل اتجاه..أدب وحياء بعد الجرأة والتعدي
قالت "أخ فلان السلام عليكم.. حبيت أقول لك جزاك الله كل خير"
كانت تريد أن تقول المزيد ولكن عادت إلى ستارها وعملها الذي باتت
تنتقي فيه التعامل مع النساء فقط وتبتعد عن التعرض للرجال أو الحديث
معهم
تغيرت هيئة فتون خلال أسبوع أو اثنين بدرجة كبيرة وينتظر منها المزيد
فحياة صديقي انتهت في تلك البلدة بعد اشهر يقول بعدها أنه لم يعد
يراها أبدا فربما غادرت أو تركت أو تحجبت حجابا كاملا العلم عند الله
ولكن كلمات بسيطة وورقة صفراء ينقذ بها الله - تعالى - نفسا من
الموت على الضلال والنار
كم مثل فتون يمر علينا في المستشفيات والأسواق والأماكن العامة..
كم منهن أردنا لهن الخير وبصدق وفكرنا في كيفية إيصاله إليهن
كم يحتاج المجتمع إلينا ونحن لا نملك إلا النقد والانتقاص والاستخفاف
واستبعاد رحمة الله عن الغافلين والهجوم والتعدي على ذوي الأخطاء
والعصيان وهل منا من ليس ذوو خطأ؟؟؟؟؟؟؟
ولكن كيف لو كل منا هدى به الله مثل فتون
بقي أن تعرفوا أيها الأحبة أن بطلة قصتي ليست فتون وجنسيتها
ليست سعودية
ولكن أردت أن أوصل لكم أن فتون صفة ليس لها جنسية أو أرض أوطن
أو عنوان... وإنما فتون فتنة من عمل الشيطان... هي في كل مكان...
وزمان...
ولكن تبقى عظمة هذا الدين القادر على التخاطب مع كل لغة وإنسان
مهما كان... ومهما اختلفت البئيات والعادات والتقاليد والمجمتعات والأوطان
لا تبخلوا على أنفسكم أيها الدعاة وأيتها الداعيات بالأجر والخير العظيم...
كم من فتون تحتاج إليكم واليكن.. الم يأن للدعاة أن ينفضوا غبار الكسل
والكلام... من على المنابر والخروج إلى الزحام.. حيث الركام... والرّان...
والغفلة والنسيان... والنفس الأمارة والشيطان..الم يأن الأوان
الله وحده - سبحانه - الهادي إلى سواء السبيل