بين اللسان والقلب | ||
خطر اللسان فضل عمل القلب على عمل اللسانوخف يا أخي من لسانك اشد من خوفك من السبع الضاري القريب المتمكن من أخذك فإن قتيل السبع من اهل الايمان ثوابه الجنة وقتيل اللسان عقوبته النار إلا أن يعفو الله فإياك يا اخي والغفلة عن اللسان فإنه سبع ضار و أول فريسته صاحبه فأغلق باب الكلام من نفسك بغلق وثيق ثم لا تفتحه إلا فيما لا بد لك منه فإذا فتحته فاحذر وخذ من الكلام حاجتك التي لا بد لك منها وأغلق الباب وإياك والغفلة عن ذلك والتمادي في الحديث وأن يستمد بك الكلام فتهلك نفسك فإنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاذ وهل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا حصائد ألسنتهم وسأله رجل فقال ما أتقي فقال هذا يعني لسانه وقال له رجل ما أخوف ما تخاف علي فقال هذا وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسان نفسه وقال له آخر ما النجاة فقال امسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك وقال صلى الله عليه وسلم من صمت نجا وقال من سره ان يسلم فليلزم الصمت و ورد عمر بن الخطاب على ابي بكر رضي الله عنهما وهو آخذ بطرف لسانه يبصبصه فقال ما تصنع فقال هذا أوردني الموارد وقال عبدالله بن مسعود ليس شئ أحق بطول سجن من لسان الى أخبار كثيرة في اللسان فإياك يا أخي والغفلة عنه فإنه اعظم جوارحك عليك جناية وأكثر ما تجد في صحيفة أعمالك يوم القيامة من الشر ما املاه عليك لسانك وأكثر ما تجده في صحيفتك من الخير ما اكتسبه قلبك وذلك ان اكتساب قلوب الحكماء واهل البصائر للخير اعمال خفية تخفى على إبليس وعلى الحفظة فهي اعمال نقية من الفساد زاكية قد حصلت مع خفة مؤنة على أهلها جزيلة الثواب مخلصات من عوارض العدو ومن هوى النفس وذلك لأنها أعمال مستورة عن أعين العباد خاملة لان العبد يصل إليها قائما وقاعدا ومضطجعا فأولئك هم أولو الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم وأكثر ذكرهم التفكر قال تعالى { ويتفكرون في خلق السماوات والأرض } فهم اهل الإخمال من المؤمنين الذين عبدوا الله عبادة لم تظهر منهم تصفية القلب عن الحرص على الدنيا وتعاهد يا أخي قلبك بأسباب الآخرة وعرضه لذلك وصنه من أسباب الدنيا ومن ذكر يجر الى الحرص والرغبة ولا تأذن لقلبك في استصحاب ما يعسر طلبه وينطفئ نور القلب من اجله وكن في تأليف ما بينه وبين محمود العواقب حريصا وخوف نفسك عقوبة ما في يديه من الدنيا وقلة ادائك لما يجب عليك فيه من الشكر واستكثر ما في يديك لما تعلم من ضعف شكرك فتشتغل النفس بما في يديها عن الفكر في أمر الدنيا والمحبة للزيادة منها فإذا اجممتها من ذكر الزيادة من الدنيا وحملتها على درجة الخوف مما في يديها قنعت ورضيت وعفت عن طلب الدنيا بالحرص والرغبة ورجعت الى الآخرة بالحرص عليها والرغبة فيها فإن النفس مبنية على أساس الطمع الحارث المحاسبي |